قوى العقل في إسرائيل
والعالم العربي
د. أفنان القاسم / باريس
كيف نفهم قوى العقل في العالم العربي؟ هل نفهمها على أساس انتمائها لديكارت أم على أساس كونها ممارسة وفعلا وتأثيرا في الحدث؟ نظريا آه ما أشطرها وعمليا لا شيء أو أنها رفل من أرفال القوى الغيبية، فمن يترك القوى الظلامية تجول وتصول بلا رادع هو بشكل من الأشكال ذيل ثوب تجره من ورائها، ومن يرى الحلول من زاوية أن لا حل هناك تحت ادعاء الموضوعية التاريخية أو التاريخية الواقعية يسعى بإرادته إلى تكريس تلك القوى النقيضة القوى الغيبية، ويعمل على إدخال العقل معها في قوقم الميتافيزيقيا، فتصبح الأنظمة العربية أنظمة لا يمكن المساس بها، والاقتصاد العربي قيمة فائضة من قيم الرأسمال الغربي، وإسرائيل نجمة من ملايين النجمات التي مصيرها إلى الزوال مصير غيرها كما يقول علماء الفلك، متى وكيف؟ حتى بعد مليون سنة سيكون حتما زوالها، تجيب قوى العقل العربية. أنا لا أنتمي إلى هذه القوى، ولا أنتمي إلى هذا العقل، أنا لا أنتمي إلى دغل العلم الغيبي، لأني أرى في الواقع رؤية المتبصر لا الضرير، وأجد للصراع السياسي مع إسرائيل أفضل الحلول لا أسوأها، أرى أن إسرائيل اليوم تفرض نفسها عليّ بوجودها وغدا فأتعامل مع فرضها لنفسها عليّ اليوم وغدا أما بعد غد فهذا ليس من شأني، هنا يمكنني القول إن هذا لمن شأن الواقع التاريخي الآتي لأن حتى إسرائيل نفسها لا تعرف ما سيكون مصيرها مثلما لا أحد يعرف ما سيكون مصيره. اليوم تفرض كل الشروط الموضوعية على فلسطين وإسرائيل والعالم العربي التعامل مع ظروف الجميع الموضوعية بما تمليه هذه الظروف على الجميع، وعند مقاربة العقل لهذه الظروف يرى أن إسرائيل تقضي على غيرها وتقضي على نفسها، إسرائيل اليوم هي شمشون عصرنا شاءت ذلك أم أبت، القوة التي لها ليست الحل، والدسيسة ليست الطريقة، وسياسة الخطط والمخططات سياسة الضعيف والخرع والفاقد للبوصلة، لقد فَهِمَتْ هذا من عندهم بعض قوى العقل أمثال أبراهام بورغ وإيلان بابيه ويوسي سريد وغيرهم، ولا أحد من عندنا -نسيبة وعبد ربه وعباس يمثلون في التحليل السياسي والألسني قوى العقل الرثة وأعلام براز الوعي ومطايا التسليم والاستسلام- فطالبوا بإسرائيل جديدة لا بإسرائيل توراتية غيبية وغبية غيبت الإنسان إنسانهم وإنساننا، وجعلت منها مختبرا تجريبيا لهتلرية استيطانية تتعدى المستوطنات في الأراضي الفلسطينية إلى استيطان الإسرائيلي نفسه لنفسه وهذه أعظم كارثة بأنفسهم من كارثتنا بهم (أنقر على العنوان لتقرأ باقي الافتتاحية).