بسم الله الرحمنالرحيم
قائد ملحمة مخيـم جنين
الشهيـد محمود طـوالبه (6 )
رحل محمود طوالبة بعد أن أودع في كل بيتفلسطيني وردة مغروسة وسط الدار لا ترويها المياه تذبل أبداً.. ينظر إليها الناسفيذكرون محمود الذي أودعهم هذه الأمانة.. يقسمون (لن نقيل.. فقد سقاها طوالبة بدمهفما ولن نستقي لرحاب الأقصى الطاهر، وحينها ينتصر المؤمنون ويفوز ركب الشهداءالأحرار الذين تقدم) حتى تنبت الوردة في من بينهم محمود طوالبة بعد أن سجل وإخوانهالمجاهدين مفخرة جديدة في تاريخ الأمة اسمها (مخيم جنين(
وفي أحد خنادق الجهاد الأولى حيثكان في أيام مطاردته مع إخوانه المجاهدين، غطى أبو عبد الله وجهه بكفيه وغاب فيعالم الذكريات إلى ذلك اليوم القريب الذي طلّق فيه الدنيا الزائلة، وغاب عن زخرفها،تاركاً المال والأهل والولد بعد أن خاض ميادين الجهاد والمقاومة في كافة المواقع،لا يعرف له الخصم طريقاً.
ويكاد طوالبة أن يتحول إلى أسطورة بعد أنارتقى سلم المقاومة تدريجياً وأتقن مهارات تصنيع العبوات وحرب العصابات، واستشهدبعد أن أصبح من أكثر من تطالب حكومة الاحتلال باغتيالهم، وذلك خلال الصمود البطوليضد فوات الاحتلال التي حولت مخيم جنين إلى ركام.
نشأةطوالبة
ولد الشهيد القائد محمود أحمد محمد طوالبة في أحضان مخيمجنين للاجئين بتاريخ 19/3/1979 لعائلة فلسطينية متدينة، وتلقى تعليمه الأساسيوالإعدادي في مدرسة وكالة الغوث قبل أن يتفرغ للعمل في مجال البناء، في أحد المحلاتالتجارية بمدينة جنين.
وفي صغره اعتاد محمود ارتياد المساجد والصلاةفيها وعرف بتدينه وورعه، وتزوج طوالبة ورزق ببنت أسماها دعاء (3 سنوات)، وولد أسماهعبد الله (3 شهور)، وبقيت حياة هذا البطل هادئة حتى بداية أحداث انتفاضة الأقصىالمبارك في العام 2000.
وفي مخيم جنين وسط المنازل الصغيرةالمتلاصقة أمضى محمود حياته القصيرة التي لم تتجاوز 23 عاماً، والتي أضحى فيهابطلاً شعبياً يرتقي فيها إلى درجة الأسطورة بالنسبة لأهالي المخيم ممن تبقى منهمبعد أن سويت منازله بالأرض ما بين 11 و13 نيسان 2002.
وفي لقاءات معوالدته وشقيقه الأكبر وأصدقائهترتسم صورة شاب ملتزم وصاحب عزيمة يقول عنهالفلسطينيون أنه كان من الممكن أن يعيش حياته كأي إنسان، لولا الاحتلالوجرائمه.
طوالبة وانتفاضة الأقصى
ومع انطلاقةانتفاضة الأقصى نهاية شهر أيلول/ سبتمبر 2000 كان للشهيد طوالبة دور مميز وكبير،فالتحق بصفوف حركة الجهاد الإسلامي وسرايا القدس بعد أن تعرف على الشهيد محمدبشارات أحد أبرز قادة السرايا وعمل معه وقاتل إلى جانبه، وشاركه في كثير من عملياتإطلاق النار على الطرق الالتفافية التي كانت تمر منها قوافل المستوطنين والجيشالإسرائيلي.
وبعد أن اشتد عوده وتمكن من استعمال السلاح وتصنيعالمواد المتفجرة، عُين قائداً عسكرياً لسرايا القدس في مخيم جنين، وعمل من خلالموقعه على الإشراف والتنفيذ المباشر لكثير من العمليات الاستشهادية التي قامت بهاسرايا القدس.
رحلة الجهاد
صار طوالبة بعد عدد منالعمليات الناجحة بنداً من بنود المحادثات الأمنية بين السلطة الفلسطينية والحكومةالإسرائيلية التي مارست ضغوطاً حتى قامت السلطة باعتقاله في أواخر العام 2001 مماأثار تظاهرات شعبية استمرت ثلاثة أيام أمام أحد المراكز الأمنية قرب جنين حيث كانمعتقلاً، ونقل لاحقاً إلى سجن نابلس حيث نجح في الفرار بعد أن استهدفت المقاتلاتالجوية الإسرائيلية المعتقل بهدف القضاء على من فيه.
وفي مقابلة معإحدى القنوات الفضائية بتاريخ 17/2/2002 قال الشهيد القائد محمود طوالبة (إن مايقوم به العدو من اعتقالات واغتيالا ت وجرائم ضد ناشطين ومجاهدين فلسطينيين لن يؤديإلى وقف جهاد شعبنا)، وقال أيضاً لوسيلة إعلامية أخرى (إن عمليات الاغتيال لنتردعنا ولن تردع الجهاد الإسلامي، ولا كتائب شهداء الأقصى، ولا القسام، ولا الشعبالفلسطيني كله، بل سنواصل نضالنا واقسم بالانتقام لدماءرفاقي).
تعرض الشهيد طوالبة كذلك لعدة محاولات اغتيال من بينهامحاولة الاغتيال التي سقط فيها الشهيدان مجدي الطيب وعكرمة ستيتي من كتائب شهداءالأقصى، حيث استطاع أن ينزل من السيارة قبل إصابتها بصاروخ طائرة الاباتشي بلحظات،واستطاع أن ينجو كذلك من تفجير المحل التجاري الذي كان يعمل فيه مع أخيه بعد اكتشافالعبوة الناسفة في الوقت المناسب، إضافة إلى مغادرته لسجن الجنيد حيث كان معتقلاًهناك قبل قصفه بالطائرات بوقت قصير.
معركة مخيمجنين
يقول أحد مقاتلي المخيم إنَّ الشهيد طوالبة في أول أيامالمعركة ذهب إلى أحد البيوت التي كان موجوداً فيها أهله، وبعد أن ودع زوجته وطفلاهدعاء وعبد الله ارتدى بدلته العسكرية وخرج لقيادة المجموعة المرابطة في حارة بيتالطوالبة، فقام على الفور بتلغيم بيته وجميع البيوت المجاورة، وبعد أيام قلائلعندما اقتحمت قوات الاحتلال المنطقة قام الشهيد القائد ورفاقه بتفجير عدد منالعبوات الناسفة مما أربك الجنود الصهاينة وأجبرهم على الانسحاب.
ويقول أحد شهود العيان: لاحظ الشهيد محمود عدداً من الجنود مازالوا في منزله فقام بحركة سريعة تمثلت في هجوم معاكس، وضرب عدد من العبوات التيكان يحملها على ظهره مما أدى إلى مقتل أربعة جنود علىالفور.
استشهاده
في يوم الاثنين 7/4/2002 تراجعالشهيد محمود مع عدد من المجاهدين منهم رفيق دربه الشهيد عبد الرحيم فرج، إلى منطقةجورة الذهب في المخيم حيث حوصر هؤلاء الشهداء في أحد المنازل فقامت الطائراتالصهيونية بقصف المنزل مما أدى إلى استشهاد محمود ورفاقه.
رحمك الله ايها الجنرال محمودطوالبة