غصة حلم في الطريق إلى صمته الأبدي / خالدة خليل
-------------------------------------------
كلما اقتربت بيننا المسافات أكثر،اتسعت هوة الحماقات اضعافا !
أما كان لتلك اللحظة المتعجرفة أن تكون نسيما يدغدغ أعصابنا فنضحك منه ، بدلا من أن تكون ريحا عاتية تقتلع عين حلمنا ؟أما كان لتلك اللحظة المجنونة أن تكون كأصابع أم حنون تشد بقلبها المرهف اذن ابنها المراهق بدل أن تغور سيفا في خاصرة أشواقنا ولهفتنا ؟
لكننا لا نجيد فن السخرية من أكذوبة اسمها الحياة، جعلت تلك اللحظة معلقة على خطأ ديك الجن، وكان يجدر بك أن تحني قبعة غرورك لقداسة الحب الذي تنحني له الطيور وتحلق الفراشات حول نوره بأمان.
أعرف أنني وحدي من يحمل أوزار تلك العثرات وأدرك تماما أن النهر حين يفيض بالجريان لا يعود إلى مصبه أبدا، لكنني توقعت أن الحمامة أو الغراب قد يعود أحدهما بغصن زيتون إلى قلبي الذي أرهقه طوفان التعب، فلا عاد لي غراب والحمام كله أضاع وجهته.
أعترف أنهم استطاعوا أن يمزقوا نسيج العنكبوت ليصلوا إلى قلبك النبي، وكانوا يحيكون المؤامرات تلو الأخرى حين علموا أني اعزف لحن العشق على أوتار قلبك،حشدوا من كل قلب ضغينة كي يهدروا دماء حبي بين قبائل الاوهام،هنيئا لهم سرقوك مني، وعدت الى الغار وحدي بلا نبي ولا دعوة.
هنيئا لهم عودتي الى كهف حزني الجاهلي، ومازالت اصابعي تمسك بقوة حجرا صغيرا وترسم به على جدران الكهف مسلة رسائلي المحفوظة في الذاكرة،هيئ قلبك اذن لقداس البعد وسأهيئ اصابعي لقيامة الحرف.
ما تزال عالقة في ذاكرتي اخر جملة قلتها لي:آآآه يا أنتِ ، احبكِ بلا حدود,وما زلت اذكر اخر جملة نطقتها شفاهي في لحظة ثمالتي فيكلو كان الانسان يعبد لاتخذتكَ دون إله الناس إلهاً، ولقدمتُ لك في كل ثانية قربان حبٍ، وكشطت عن شموع سنواتنا القادمة شمعها المذاب .
وغاب عني ان جزر حبك عائمة على ظهر حوت تائه، فعجزت عن قطف شوك القساوة عن زهرة قلبك المترف حتى اخره بالغرور,اتأبط خساراتي المزمنة وأهرع نحو باب الصلح الذي فاجأني أنه يحمل يافطة تقول "مغلق" !لا دعوات الام ولا نداء الحب يمكن لهما الان يصنعا جسرا يربط احلامنا، لانك نسيتَ غفران المعري وتشبثت بجحيم دانتي !
كنت اظن ان لاغيركَ قادر على ان يقلم الوجع عن ايامي، لكنك لم تكن سوى طفل مشاكس ومدلل حين توقفت لعبته عن الضحك كسرها.
انكرتَ دعوتي، وبصقتَ على وصايا قلبي، فصرتُ كمن يجمع زبد الخذلان من بحر العمر الميت !
الذكرى محارب شديد البأس امامي، ومن ورائي بحر خساراتي فيك، فأين المفر؟
كنا على وشك ان يتفتق لوزنا.
كنا على وشك ان يطلق لقاؤنا قوسه بعد ان اشتد وتر الانتظار
لكنك نثرتَ اخر اوراقي من برج غرورك .
اغتسل بدمعي الان، لانني ادركت ان الحياة كذبة نحن نصنعها.
لماذا ورثنا كل هذا الخوف وحملنا في دواخلنا الجحيم ؟
يقينا ايها القلب نحن لانجيد سوى اطلاق رصاصات الرحمة حين تضع الزهرة ثقتها فينا.
فاسترح مني .. استرح من عشقي الذي نضج على بخار الالم ..
سنستريح في حضن الصمت الابدي.